الكلمة الافتتاحية - الكلمة الافتتاحية للدكتور مازن كسيبي
السيدات و السادة
السلام عليكم ورحمة الله واسعد الله اوقاتكم بكل خير
الرابطة السورية لكرامة المواطن ، والتي تأسست عام 2018، هي تيار شعبي حقوقي اخذ على عاتقه حمل صوت المهجرين السوريين وعاهدهم على نقل هذا الصوت الى كافة اطراف الحل السياسي في سوريا واضعين امامنا هدفا واحدا هو العودة الامنة الكريمة الطوعية للسوريين، كل الى بيته، الى سوريا الامنة بكل ما يحتويه الأمان من حقوق إنسانية وقانونية وسياسية واجتماعية .
نجتمع اليوم في لحظة هامة من تاريخ الأزمة السورية وسط استمرار تدهور الحالة الإنسانية والمعيشية والمجتمعية للسوريين على أرضهم وفي دول اللجوء، وسط استعصاء سياسي مخيب للآمال ولّد يأسا واحباطا عند السوريين، وعند مفترق طرق دولي بعد غزو روسيا لأوكرانيا وارتكابها لجزء من الجرائم التي ارتكبتها ضد السوريين، روسيا التي تم الضغط على السوريين لسنوات من قبل المجتمع الدولي للقبول بها كراعي ووسيط وضامن للحل السياسي.
لقد باتت المعضلة السورية أكثر تعقيدا من أي وقت مضى، وأكثر خطورة على المجتمع الدولي مع تزايد موجات لاجئين جديدة نحو دول الجوار وأوروبا (بحسب فرونتكس بلغ عدد طالبي اللجوء الذين نجحوا في عبور الحدود الاوروبية أكثر من 40 ألف سوري لغاية شهر تموز الماضي)، وتحولت سوريا إلى "دولة مخدرات"، ومصدر لعدم الاستقرار الإقليمي والدولي .
نود التأكيد على أن المخرج الوحيد في سوريا مازال الحل السياسي الشامل والمستدام بضمانات ودعم دولي صريح ومباشر، وأن محور هذا الحل هو قضية المهجرين والمعتقلين جميعا اينما كانوا، وانه لا شرعية أو إمكانية تحقيق او استدامة لحل سياسي يهمل أكبر شريحة في المجتمع السوري عابرة للمناطق والخلفيات المجتمعية والأديان والأعراق ولا يأخذ بعين الاعتبار الأسباب التي أوصلت سوريا والشعب السوري الى ما وصل اليه :
انها شريحة المهجرين والمعتقلين
سنوات طويلة مرت علينا، شهدنا خلالها طروحات لحلول نظرية جزئية وارتجالية لم يكن للسوريين فيها اي اعتبار، والواقع اليوم يؤكد على فشل تام لكل هذه المحاولات وبنظرة سريعة متفحصة للواقع في سوريا نجد بان الهجرة في ازدياد ومعاناة السوريين اكانوا تحت سلطات الامر الواقع بما فيهم النظام او في دول اللجوء تسير من السيء الى الأسواء، والارتدادات الجديدة لهذا الوضع بدأت تصل إلى الإقليم وأوروبا.
مع تصاعد الخطاب الشعبوي والسياسي ضد اللاجئين السوريين في دول اللجوء مطالبة بطردهم وإعادتهم إلى سوريا قبل تغير الظروف في سوريا وقبل ضمان عودة أمنة وكريمة وطوعية، فإننا نؤكد هنا أن غالبية السوريين المهجرين يريدون العودة إلى أوطانهم الأصلية وأننا نعمل على تحقيق ذلك ولكن ضمن الشروط الصحيحة وضمن حل شامل ومستدام.
نؤكد هنا بان ملايين السوريين المتواجدين على بعد اميال قليلة من مناطق سيطرة النظام لازالوا يرفضون العودة رغم قساوة ظروف حياتهم، وفي لبنان على سبيل المثال وبحسب اخر دراسة قامت بها الرابطة : اكد 74٪ من اللاجئين السوريين عدم رغبتهم في العودة في ظل الاوضاع الراهنة في سوريا وان 83٪ منهم اكدوا استعدادهم للعودة في حال تأمنت لهم البيئة الامنة المناسبة.
إن عملنا على مدى السنوات الأربعة الماضية قادنا بطريقة لا لبس فيها أن الحل الوحيد للقضية السورية يكمن في تأمين البيئة الآمنة لجميع السوريين والتي تضمن عودة آمنة وطوعية وكريمة تكون حجر أساس الحل السياسي.
قد قامت الرابطة خلال السنوات الثلاث السابقة بجهود مكثفة للتواصل مع شرائح تمثل كل فئات السوريين في كل مكان واستمعت الى مطالبهم وامالهم وتعمقت في فهم واقعهم ومخاوفهم، ثم نقلت هذه المخرجات الى الاكاديميين والقانونيين والخبراء السوريين والدوليين لترجمة هذه الرؤى الى خارطة طريق تمثل الاساس والقواعد اللازمة لبناء هذه البيئة الامنة من جميع النواحي الدستورية والقانونية و الاجتماعية والسياسية والحقوقية وحتى اللوجستية، ثم بحثت مع مجموعة من الخبراء دوليين الذين خاضوا تجارب مماثلة في دول أخرى ولاسيما البوسنة واتفاقية دايتون في الخطوات العملية الواجب تنفيذها وعلى مراحل كي ننجح في عملية البناء هذه ونمكن السوريين من اتخاذ قرار العودة الطوعية والكريمة الى بيئة امنة تمهد الى اعادة بناء سوريا الجديدة، سوريا لجميع السوريين، سوريا الحريات والحقوق والكرامة.
هذا ما جئنا من أجله اليوم : لنضع بين ايديكم خارطة الطريق لبيئة آمنة في سوريا تحمل صوت ورؤية أكبر شريحة من السوريين، ونحن على ثقة بأنها ستساعد في فك حالة الاستعصاء السياسي وتضع العملية السياسية على المسار الصحيح للوصول إلى حل مستدام يضمن للسوريين جميعا مستقبلا افضل .
نشكرللحاضرين هنا حضورهم الكريم وللمتابعين على النقل المباشر متابعتهم، وتشكر الرابطة كل من دعم جهودها تقنيا ولوجستيا وبخاصة المركز الأوروبي للسلام .
شكرا لاستماعكم واهتمامكم .