ترحب الرابطة السورية لكرامة المواطن بقرار الدنمارك بالتراجع عن سحب الإقامات من اللاجئين السوريين، ونعبر عن تقديرنا لهذه الخطوة المهمة والمؤثرة. إن هذا التطور يمثل خطوة إيجابية نحو تجسيد قيم حقوق الإنسان والالتزام بالقوانين والأعراف الدولية. تعكس هذه الخطوة الجديدة التصميم على تصحيح الخطأ السابق والعمل على تصويب السياسات المتعلقة بحقوق اللاجئين.

إن اعتراف “مجلس تظلم اللاجئين” بأن قرارات سحب الإقامات كانت تستند إلى أساس خاطئ وسوء تقدير وتتعارض مع المادة الثامنة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان يعكس التفكير الواعي والقرارات المستنيرة. كما يؤكد هذا التصريح على الالتزام القائم بأحكام الاتفاقيات الدولية، وخصوصا المادة الثامنة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحمي حقوق اللاجئين وتضمن لهم الحماية اللائقة.

إن سحب الإقامات بشكل غير مبرر من السوريين الذين ينحدرون من بعض ما يسمى مناطق “آمنة” في سوريا هو قرار مجحف وظالم بحق هؤلاء اللاجئين. وعليه فإن هذا التراجع يعكس التفهم الأعمق للظروف والمخاطر التي يواجهها اللاجئون، ويعيد تأكيد ضرورة الوفاء بالتزامات الدولة في تقديم الحماية والأمان لمن يحتاجون إليه.

وجاء هذا التراجع بعد نقاشات داخلية استمرت لنحو ثلاث سنوات بين “المجلس الدنماركي للاجئين” (DRC) و”مجلس التظلم”، سيشمل هذا القرار جميع اللاجئين الذين سُحبت إقامتهم، لكن أكدت الدنمارك أنها لن تقبل طلبات لجوء جديدة للقادمين من مناطق تصنفها على أنها “آمنة” ما لم يكن هناك خطر حقيقي على حياتهم.

تؤكد الرابطة السورية لكرامة المواطن على أهمية الحوار والتعاون المستمر في التعامل مع القضايا الإنسانية المتعلقة باللاجئين السوريين. إن هذه الخطوة تعزز من فرص تحقيق التفاهم والتواصل البناء، مما يسهم في تعزيز العلاقات بين الدول وتعزيز التعاون الدولي، وإن تعزيز الأمان وحقوق الإنسان يجب أن يكون في صميم القرارات والسياسات.

نأمل أن تكون هذه الخطوة هي بداية لمزيد من الجهود لتعزيز حقوق اللاجئين وتقديم الدعم اللازم لمن هم في حاجة.  ونتطلع إلى رؤية مزيد من الجهود الإيجابية للدنمارك والمجتمع الدولي في تحقيق العدالة والحماية لجميع اللاجئين والمهاجرين، وضمان توفير الظروف الآمنة والكريمة لحياتهم.

عملت الرابطة السورية لكرامة المواطن في هذا الصدد منذ سنوات بدءاً من التحليل الذي يؤكد أن الدنمارك تقوم بسابقة خطيرة ثم الرسائل التي تم إرسالها إلى وزير الهجرة والاندماج الدنماركي، حيث حذرت رابطة كرامة في إحاطة كاملة من انتهاك قرار الدنمارك بشأن اللاجئين السوريين لبنود الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وتقييمات الاتحاد الأوروبي وعتبات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وأشارت إلى تعارض قرار الدنمارك بسحب الحماية عن اللاجئين السوريين من دمشق وريف دمشق بشكل مباشر مع الموقف الرسمي للمفوضية الأوروبية، وأنه خرقٌ للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فضلاً عن عتبات الحماية الخاصة بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

في تواصل مباشر مع الرابطة السورية لكرامة المواطن، لم ينجح وزير الهجرة والاندماج الدنماركي، ماتياس تيسفايي، في تبرير هذا القرار بشكل مناسب أو حتى الإجابة على بعض الأسئلة الرئيسية التي وضعت الدنمارك من بين الدول التي تمارس ضغوطاً على اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا بوجود الوضع غير الآمن، وربما المميت، في المناطق التي يسيطر عليها الأسد في سوريا. وفي ذلك الوقت، كانت السلطات الدنماركية تدرس تمديد تقييم “الظروف الأمنية التي تتحسن بشكل كبير للسماح بالعودة”، والذي تم استخدامه لرفض الحماية للاجئين السوريين من دمشق وريف دمشق، إضافة إلى منطقتي الحسكة وحلب.

كما عملت الرابطة السورية لكرامة المواطن على إعداد مجموعة متنوعة من اللقاءات والمؤتمرات مع الخبراء والقانونيين، الذين تم إجراء مقابلات معهم من أجل تقرير دائرة الهجرة الدنماركية حول دمشق، والذين بدورهم أدانوا إساءة استخدام مقابلاتهم، وأكد معظمهم رفض التعاون مع دائرة الهجرة الدنماركية في المستقبل أو سيفعلون ذلك في ظل شروط صارمة منعاً من إساءة استخدام مقابلاتهم.

وبحسب ردود الباحثين والخبراء في الشأن السوري الذين قامت دائرة الهجرة الدنماركية بإجراء مقابلات معهم من أجل تقرير “بلد المنشأ” الخاص بدمشق وريف دمشق، فإن قرار سحب الحماية المؤقتة من اللاجئين السوريين القادمين من هذه المناطق لا يستند بتاتاً إلى المعلومات التي قدموها.

وأجرت الرابط السورية لكرامة المواطن عدة مقابلات مع الأشخاص الذين تم سحب إقامتهم ورفضوا القرار، ورفعوا دعاوى قضائية وتابعوها وقبلت المحكمة قرار الاستئناف. من بين هؤلاء الأشخاص، كان عبد الرؤوف أحمد، هو أحد اللاجئين السوريين الذين جردتهم السلطات الدنماركية من حق الحماية، وأجرت الرابطة السورية لكرامة المواطن معه مقابلة حصرية تحدث فيها عن أسباب سحب الحماية منه وتأثيراتها على حياته.

وفي ذلك الحين، قال: “رفضت القرار لأنه بمثابة إرسالي الى الموت الحتمي”، وروى مخاوفه للرابطة في حال تم ترحيله إلى سوريا، قائلاً: “ظنت المحكمة أن الأوضاع في سوريا كما هي في أوروبا لذلك جردتني من حق الحماية في البداية، لكن نظام الأسد لا يراعي لا كبار السن ولا الأطفال فهو يعتقل ويعذب ويقتل الناس مهما كانت أعمارهم” وأضاف أن عدداً من اللاجئين تم استئناف دعواهم وحصلوا على حق اللجوء السياسي من جديد، وهذا ما حصل مع عبد الرؤوف أيضاً حيث حصل وقتها على أمل جديد لمواصلة حياته بعيداً عن استبداد الأسد.

لقد أكدنا في مؤتمر كوبنهاغن أن سحب الحماية عن اللاجئين السوريين في الدنمارك وخارجها سابقة خطيرة ذات تأثير بعيد المدى ويخدم مصالح روسيا بالدرجة الأولى. على مر السنوات، لم تقتصر جهود روسيا على القتل والتهجير والتدمير فحسب، بل تُظهِر تكثيفاً في محاولات تحقيق مكاسبها من خلال تطبيع وتغيير السياق في سوريا.

ركزت روسيا جهودها على دفع الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي نحو اتخاذ سياسات تخدم مصالحها، بما في ذلك تبني سياسة إعادة اللاجئين السوريين دون النظر إلى حقيقة الوضع الأمني في بلادهم. كما روجت لأفكار تمويل إعادة الإعمار قبل تحقيق حلٍ سياسيٍ شاملٍ في سوريا. تسعى روسيا للتأكيد على أن سوريا آمنة، لكنها لم تستطع إقناع العالم بأنها قادرة على توفير بيئة آمنة لعودة السوريين.

نحن في الرابطة السورية لكرامة المواطن، نعبّر بشكل قاطع عن رفضنا لأي محاولة لإجبار اللاجئين والنازحين السوريين على العودة في هذا الوقت. إن عدم وجود بيئة آمنة في سوريا حتى الآن يعني أن أي عودة إجبارية تُعرِّضهم للخطر والتهديد.

من خلال الاستناد إلى تقاريرنا واستبياناتنا، التي تستند إلى معلومات من داخل سوريا، نجد نفسنا ملزمين بتوضيح الحقيقة المريرة. تظهر هذه التقارير والاستبيانات وجود حالة من عدم الأمان المستمر والقمع المنهجي الذي يتعرض له الأشخاص الموجودون في مناطق سيطرة النظام السوري.

نحن نتعامل ونتعاون بجدية مع الحاجة الماسة لضمان عودة كريمة لجميع اللاجئين والنازحين السوريين إلى بلادهم، لكن يجب أن تكون هذه العودة آمنة وطوعية وكريمة ضمن معايير الحماية والأمان بما يتوافق مع مطالب وتعريف المهجرين السوريين ذاتهم. هذه الخطوة تُعَدُّ الوسيلة الفعالة والمستدامة لتحقيق هدفنا الرئيسي: إيجاد بيئة آمنة لعودة كريمة للسوريين.