في السادس عشر من شهر كانون الأول ستطلق الرابطة السورية لكرامة المواطن حملة عامّة لإحياء ذكرى تهجير أهالي حلب، إحدى أكبر عمليات التهجير القسري الجماعي خلال النزاع في سوريا وشاهداً على حجم المأساة التي يعيشها الشعب السوري ولا يزال لأكثر من عقد من الزمن.

بعد مرور أربع سنوات على سيطرة قوات النظام السوري على كامل مدينة حلب، و هي واحدة من أعرق وأقدم مدن العالم، ولطالما كانت مركزا مهمّا للتجارة والصناعة على مر العصور، و ظلّت حتى وقت قريب العاصمة الاقتصادية لسوريا وأكبر تجمّع سكّاني فيها قبل أن يتم تدميرها من قبل النظام السوري وحلفائه، لا يزال مشهد خروج السكان من أحياء حلب الشرقية بفعل الاتفاق الذي تمّ فرضه من قبل الروس والإيرانيين، شاهداً على عمليات التهجير القسري المنظم في تاريخ سورية الحديث منذ عام2011. فعلى مدى ثلاثة أشهر، تعرضت شرق مدينة حلب التي تضمّ  حوالي 300  ألف مدني محاصر الى حملة دموية من قبل نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين بشكل لم يسبق له مثيل على الإطلاق، وذلك وسط فشل كامل للمؤسسات والأطراف  الدولية المؤثرة في سوريا.

وبعد أن ارتكب نظام الأسد وداعموه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية شملت سياسة الحصار الجماعي والتجويع والقصف المتعمّد والمنهجي للمنشآت المدنية لاسيما المستشفيات، بالإضافة الى منع دخول المساعدات الإنسانية، أقدم النظام وحلفائه على استهداف أولئك المدنيين العزّل الذين قرروا الخروج من المدينة سيرا على الأقدام من خلال الممرات التي أُعلن عن كونها آمنة من قبل روسيا لتكون في حقيقة الأمر مصيدة قاتلة حصدت أرواح المدنيين بما فيهم الأطفال أمام أعين ذويهم. وحتى هذه اللحظة لا تزال صور الدمار في معظم الأحياء الشرقيّة حاضرة وشاهدة، كما في حي الشعار والفردوس والسكري وحلب القديمة وغيرها من المناطق.

ولكن المأساة لم تنته بانتهاء هذه الجرائم المروعة بحق أهل حلب، فلا يزال الأهالي الذين فضلوا العودة إلى منازلهم على التهجير يدفعون ضريبة باهظة من تجاهل النظام السوري تأمين أساسيات الحياة من الماء والكهرباء واستمرار الابتزاز والقمع بحقهم متمثلا بسياسة الاعتقال والإخفاء القسري وغيرها من الأساليب الاجرامية.

مازالت هذه الذكرى الحزينة جرحاً غائراً في قلوب السوريين لا يقل ألماً عن التهجير القسري الذي انتهجته قوات النظام السوري وحلفائه بحقهم في أغلب مناطق ومدن سوريا، ولكنّ ما تعرض له السوريون من ظلم واضطهاد وألم كبير لم يكن سوى دافعاً ومحفزاً لتوحدهم وراء حقوقهم بمختلف مناطقهم وأعراقهم وأديانهم.

إنّ الرابطة السورية لكرامة المواطن بحراكها الشعبي الحقوقي تعكس صوت جميع المهجرين السوريين من كافة المناطق وتنوع الشعب السوري، بغض النظر عن انتماءاتهم الاجتماعية أو الدينية أو العرقية وتسعى لضمان حق العودة الآمنة والطوعية والكريمة لجميع اللاجئين والنازحين السوريين، والتطبيق الفعال لبيئة آمنة وفقًا لتعريف المهجّرين السوريين أنفسهم. وبمناسبة ذكرى تهجير أهالي حلب فإن الرابطة السورية لكرامة المواطن تؤكد:

  1. حق العودة الطوعية الآمنة الكريمة لجميع المهجّرين لا يسقط بالتقادم وهو حق تكفله جميع الأعراف والمواثيق.
  2. إن سياسية التغيير الديمغرافي التي ينفذها النظام السوري وحلفاؤه لن تنزع من صاحب الحق حقه، ولن تثنيه عن محاسبة المجرمين وملاحقتهم في كافة المحافل الدولية.
  3. لا يمكن أن يكون هناك عودة طوعية آمنة إلا من خلال تحقيق شروط البيئة الأمنة في سوريا وذلك بعد إطلاق سراح للمعتقلين وإعادة حقوق المهجرين والكشف عن مصير المختفين قسريا وغيرها.

ستتضمّن الحملة العديد من مقاطع الفيديو ومعرضاً للصور يعكس قصّة المدينة وتهجيرها بالإضافة على عدد من مقالات الرأي والحوارات التي سيتم نشرها تباعاً على الموقع الإلكتروني للرابطة ووسائل التواصل الاجتماعي الخاصّة بها تحت هاشتاغ #راجعين، وذلك خلال الأيام الخمسة المقبلة لنقل تأثير النزوح على أهالي حلب والتعبير عن آرائهم في العودة إلى مدينتهم. السوريون جميعاً وأحرار العالم مدعوون للمشاركة في هذه الحملة لجعل صوت أهل حلب مسموعاً في ذكرى تهجيرهم.

الرابطة السورية لكرامة المواطن