إدلب، 14 أيلول 2021 – تطالب الرابطة السورية لكرامة المواطن كل من الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري بالوقف الفوري لجميع خطط نقل النازحين السوريين من مخيم الركبان إلى مناطق سيطرة النظام السوري.

في الوقت الذي يعاني فيه السوريون الذين يعيشون في مخيم الركبان من ظروف معيشية قاسية للغاية، فإنّ إعادتهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد تشكّل تهديدات خطيرة لحياتهم مثل القتل غير المشروع والاخفاء القسري والاعتقال التعسفي والابتزاز والمضايقات. ولذا يتوجب على الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري تحمل مسؤوليتهما كمؤسسات دولية ليس فقط لتقديم مساعدات الإغاثة الفورية والعاجلة ولكن أيضًا لحماية الأرواح.

تقوم الأمم المتحدة بإرسال شاحنات، غير مليئة بالمساعدات، بل فارغة، لنقل سكان المخيم إلى مناطق سيطرة النظام السوري. وقبل أيام، أقدم النازحون السوريون في الركبان على إعادة شاحنات الأمم المتحدة التي وصلت إلى المخيم من أجل نقلهم إلى مناطق سيطرة النظام في حمص.

ومن المفارقات، بدلاً من تقديم  المساعدات إلى المخيم، الذي يتضور جوعًا، وهو بحاجة شديدة إليها، تصل شاحنات الأمم المتحدة فقط لإلقاء كلمات فارغة وبدون ضمانات على الحياة وبهدف وحيد وهو تهجير الناس قسرًا.

يقع مخيم الركبان في منطقة مهجورة بين سوريا والأردن، ويعاني من نقصٍ حاد في المساعدات بسبب محاولة روسيا منع إيصال الإمدادات والمواد الغذائية التي تشتد الحاجة إليها. يموت الأطفال من نقص الرعاية الطبية ونقص الغذاء، الأمر الذي أجبر بعض العائلات على مغادرة المخيم، لكن فقط لمواجهة وحشية قوات النظام السوري التي تنتظرهم.

“الوضع في مخيم الركبان سيء للغاية، حيث تُرك الناس بين خيارين مُرّين: إما الموت جوعًا أو العودة إلى المناطق تحت حكم الأسد، وكلاهما كابوس.

يجب على العالم أن يعامل المهجّرين السوريين في الركبان كبشر، بمعزلٍ عن أي حسابات واعتبارات سياسية بين القوى العالمية، وبالتحديد الولايات المتحدة وروسيا “، يقول وسيم الحاج، عضو أمناء الرابطة السورية لكرامة المواطن.

ووفقًا لبحثٍ أجرته منظمة العفو الدولية، فإنّ النظام السوري يتعمّد استهداف وإساءة معاملة جميع العائدين من مخيم الركبان.، حيث تعتبر مخابرات النظام العائدين من الركبان “إرهابيين” وتعرضهم لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وسوء المعاملة. ففي أحدث بحث أجرته منظمة العفو الدولية، تم توثيق 10 حالات من أصل 66  حالة لانتهاكات حقوق الإنسان الموثقة لعائدين من الركبان.

بدورها، قامت الرابطة السورية لكرامة المواطن بتوثيق اعتقال  174 شخصاً من قِبل الأجهزة الأمنية السورية عادوا من مخيم الركبان إلى ما يسمى بملاجئ النازحين في حمص، وتم تحويلهم إلى “محاكم الإرهاب” على الرغم من تلقيهم تصاريح أمنية من قبل النظام.

إضافة لذلك، أظهر آخر بحث أجرته الرابطة السورية لكرامة المواطن أن 50٪ من السوريين في المناطق التي يسيطر عليها الأسد لا يشعرون بالأمان بمن فيهم أولئك الذين لم يغادروا أبدًا، في حين أن 64٪ من العائدين من خارج سوريا لا يشعرون بالأمان، لكن النتيجة الأكثر لفتًا للانتباه كانت أنّ 94٪ من السوريين في مناطق المصالحة لا يشعرون بالأمان، وهذا إن دلّ هذا على شيء، فإنّه يدلّ على أنّ ما يُسمّى باتفاقيات المصالحة الموقعة مع نظام الأسد، بموجب ضمانات روسية، هي وعود فارغة ولا تعني شيئًا على الإطلاق في الواقع.

”هناك أدلة كثيرة تُظهر أنّ سوريا ليست آمنة لأي عودة، ولا سيّما المناطق الواقعة تحت سيطرة الأسد. المجتمع الدولي على دراية جيدة بنظام الأسد وانتهاكات روسيا لحقوق الإنسان، وخاصة ضد العائدين. لا يجوز إجبار أي سوري في مخيم الركبان أو أي مكان آخر داخل سوريا أو خارجها على العودة. يجب ألا تكون المؤسسات الإنسانية الدولية متواطئة مع جرائم الأسد”، هذا ما قاله عضو الرابطة السورية لكرامة المواطن الدكتور حمزة العمر.

يجب عدم تسييس المساعدات الإنسانية في أيّ سياقٍ على الإطلاق. إنّ أرواح السوريين ليست ورقة مساومة تستخدمها الدول لتأمين المكاسب وحماية المصالح.  يستحق النازحون السوريون في مخيم الركبان حياة كريمة ضمن معايير الحياة الأساسية،  ويجب ألا تتم عودة السوريين في الركبان أو مناطق أخرى إلا في ظلّ وجود بيئة آمنة تضمن عودتهم الآمنة والطوعية والكريمة.

صورة الغلاف: نازحون في مخيم الركبان يتجمعون لتلقي التطعيمات، 5/11/2018 (AFP)