بعد نحو شهرين من اتفاق درعا، الذي نص على سحب الأسلحة المتوسطة والخفيفة من المدينة، أثيرت مخاوف كبيرة على أمن المطلوبين لدى النظام ومن انضموا إليه.

في الآونة الأخيرة يبدو أن هناك سياسة اغتيال للشباب الذين خضعوا لعملية المصالحة. منذ أقل من أسبوع أصيب شاب يدعى أشرف الفندي برصاصة أمام منزله. كان فندي عضوًا سابقًا في الجيش السوري الحر وخضع لمصالحة مع النظام ولم يكن منتسبًا إلى أي جهة مسلحة.

وفي نفس اليوم قتل المواطن أحمد إبراهيم الزعبي الملقب بالمطرب بعد استهدافه من قبل مجهولين في المسيفرة. الزعبي كان عنصراً في هيئة تحرير الشام قبل سيطرة النظام على درعا. ووجهت إليه تهمة قيادة مجموعات خطف في ذلك الوقت واعتقله النظام. تم إطلاق سراحه لاحقًا للعمل في مجموعات محلية لصالح المخابرات العسكرية.

وفي مدينة الصنمين، نجا شاب يُدعى عادل الجيدوري من محاولة اغتيال أصيب خلالها هو وابنه بطلقات نارية. والجدوري منضم سابق للجيش الحر وخضع لإجراءات المصالحة مع النظام ولم يعمل مع أي جماعة مسلحة.

وفي الصنمين أيضا، قُتل باسل الفلاح وابنته هالة بالرصاص. كان باسل متعاونًا مع المخابرات العسكرية بعد مصالحته مع النظام. كما كانت الصنمين مسرحا لمقتل محمد خير اللباد من قبل مجهولين. وكان لباد قد التحق بالجيش السوري الحر قبل المصالحة مع النظام والانضمام إلى الجيش ثم الانشقاق عنه.

كما نجا قائد المخابرات العسكرية محمد اللحام الملقب أبو علي من محاولة اغتيال إثر انفجار عبوة ناسفة بالقرب من سيارته. كان لحام قائدا سابقا في جيش اليرموك، وكان قد غادر إلى الشمال السوري ضمن قوافل النزوح عام 2018، وعاد إلى درعا عام 2020، والتحق بشعبة المخابرات العسكرية.

وفي بلدة تسيل، قُتل القائد السابق للجيش السوري الحر إبراهيم الرويسي على يد مجهولين. خضع الرويسي لعملية المصالحة ولم يشارك منذ ذلك الحين في أي نزاع مسلح.

كما استهدف الشبان الذين ذهبوا لأداء خدمتهم العسكرية في جيش النظام، ومنهم: حسن كناكري من داعل، وعبدالله الحميدي من بلدة المليحة الشرقية، وقصي العبيد الذي استهدف في مدينة نوى والذي انضم للجيش السوري الحر بعد انشقاقه عن جيش النظام. وبعد عملية المصالحة عاد إلى القوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية.

كما استشهد حامد الدرعان في بلدة ناحتة. وكان الدرعان عضواً في اللجنة التي تفاوضت مع النظام خلال المصالحة الأخيرة التي جرت في البلدة.

يقول النشطاء إنه حدثت أكثر من 40 محاولة اغتيال، انتهى الكثير منها بقتل الأهداف، وفي شهرين فقط. يضيف هؤلاء النشطاء أن النظام يقف وراء هذه الموجة من القتل كشكل من أشكال الانتقام من الشعب ومن وقف في طريقه في أي وقت من الأوقات.

وعادت خلاياه الاستخباراتية إلى النشاط مرة أخرى، وكان جزء من هذه العمليات على الأرجح انتقاما ممن يعملون إلى جانب النظام ويحرضون على السكان.

لكن النظام يسيطر على المحافظة وهو المسؤول الرئيسي عن الفوضى التي تجتاح درعا. كما أنه المستفيد الأول مما يحدث في درعا، وكذلك من مغادرة الشبان لها.

تشير الدلائل بوضوح إلى أن النظام السوري، إلى جانب حلفائه الروس والإيرانيين، لا يهدفون إلى استخدام “اتفاقيات المصالحة” كوسيلة لتهيئة بيئة مناسبة لعودة النازحين، بل بالأحرى لتأمين السيطرة الكاملة على الأرض بأعداد ضئيلة من السكان الأصليين. ويؤكد النموذج المطبق في الجنوب وآثاره مرة أخرى أن نموذج المصالحة الذي رتبته روسيا والنظام السوري بدعم من إيران، بعيد جدًا عن تحقيق أي سلام واستقرار في المنطقة.

صورة الغلاف: انفجار سيارة عسكرية بعبوة ناسفة مزروعة بريف درعا الغربي في حزيران / يونيو 2019.  حقوق الصورة: رابطة حوران الحرة – تجمع أحرار حوران.