في ذكرى مؤلمة تخليداً لضحايا الحرب الكيميائية، تعبر الرابطة السورية لكرامة المواطن عن قلقها العميق إزاء استمرار تواجد ترسانة الأسلحة الكيميائية في أيدي النظام السوري. تشير المعلومات الدقيقة والتقارير الدولية إلى وجود مخاوف جدية من إمكانية تكرار استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وفي ضوء هذا الواقع المأساوي، ندعو المجتمع الدولي للتدخل العاجل والحاسم. لقد تم توجيه اللوم بشكل صارم إلى النظام السوري من قبل هيئة الرقابة العالمية للأسلحة الكيميائية، إذ تواصل الشكوك والاستفسارات حول حيازته واستخدامه لتلك الأسلحة المحظورة.
أطلقت مجموعة من الجهات الحقوقية والخبراء القانونيين مبادرة لإنشاء محكمة عالمية لمحاكمة مرتكبي هجمات الأسلحة الكيميائية في سوريا، وشارك في المناقشات حول هذه المبادرة أكثر من 44 دولة، مما يبرز الدعم الدولي لهذا الخطوة المحتملة.
وأظهرت وثائق أن هذه المجموعات السورية المناهضة للنظام، جنبًا إلى جنب مع خبراء القانون الدولي، يعملون على إقامة هذه المحكمة المبنية على المعاهدات، التي ستكون لها القدرة على محاكمة الأشخاص الذين يُشتبه في استخدامهم للأسلحة الكيميائية بغض النظر عن موقعهم الجغرافي.
في الشهر الماضي، أعرب أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن انتقادهم للنظام السوري بسبب عدم الامتثال للالتزامات الدولية، حيث أعلن عن وجود ذخائر سامة محظورة وعدم تسليمها، داعين إلى فرض حظر على نقل المواد الكيميائية إلى دمشق.
وصدر قرار من أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي يعكس عدم الامتثال من جانب النظام ويهدف للتصدي لتفشي ذخائر الأسلحة الكيميائية في سوريا وخارجها. ودعا إلى عدم “النقل المباشر أو غير المباشر لبعض السلائف الكيميائية ومرافق تصنيع المواد الكيميائية ذات الاستخدام المزدوج والمعدات والتكنولوجيا ذات الصلة إلى سوريا”.
ومن جهتها، أعلنت وزارة الخارجية في النظام السوري، في 3 كانون الأول 2023، رفضها لقرار الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذي يقيد صادرات المواد الكيميائية إلى سوريا، والذي أشار إلى “مواصلة حيازة سوريا للأسلحة الكيميائية واستخدامها” واخفاقها في تقديم إعلان دقيق وكامل عنها وأيضاً تدمير جميع الأسلحة الكيميائية غير المعلنة التي بحوزتها ومنشآت إنتاجها”.
وفشلت روسيا في تأمين إعادة انتخابها لعضوية المجلس التنفيذي للمنظمة لفترة جديدة مدتها عامين، خلال المؤتمر الثامن والعشرين للدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الذي عُقد في مدينة لاهاي في الفترة من 27 تشرين الثاني الجاري وحتى الأول من كانون الأول المقبل.
بحسب نتائج التصويت، حصلت روسيا على 65 صوتاً، وكانت بحاجة لصوت واحد فقط للحفاظ على عضويتها في المجلس التنفيذي. وعوضاً عن ذلك، انتخبت 21 دولة عضوية المجلس، من بينها أوكرانيا وبولندا وليتوانيا ضمن مجموعة أوروبا الشرقية.
إننا في الرابطة السورية لكرامة المواطن نتابع هذا الوضع بقلق متزايد ونؤكد على أنه من الضروري القيام بخطوات فورية وفعالة لمواجهة هذا التهديد الخطير. يجب أيضاً مساندة جهود السوريين لتأسيس محكمة عالمية مختصة بالأسلحة الكيميائية، وذلك لضمان محاسبة جميع المتورطين في استخدامها والمساعدة في منع تكرار هذه الجرائم المروعة.
بالرغم من الدعوات المستمرة للتحقيق والمساءلة، إلا أن الترسانة الكيميائية للنظام السوري لا تزال قائمة وتشكل تهديداً محتملاً للأمن الدولي والاستقرار الإنساني. نحن نحث العالم على التحرك السريع والفعال لمنع المزيد من التدهور والحد من مخاطر استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا وغيرها، وهو ما يستدعي التعاون الدولي لحماية الإنسانية والسعي نحو عالم خالٍ من هذه الأسلحة الفتاكة.
محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم بحق الشعب السوري، تمثل ركيزة حيوية لضمان تحقيق العدالة وتوفير بيئة آمنة ومستقرة في سوريا. فإنَّ تطبيق العدالة يعزِّز الثقة ويُظهر الالتزام بحماية الحقوق الإنسانية وسيادة القانون ويمهد الطريق أمام توفير البيئة الآمنة الضرورية لعودة النازحين واللاجئين السوريين إلى منازلهم عودة آمنة وكريمة وطوعية.