بروكسل، 29 أيار 2024 – أصدرت الرابطة السورية لكرامة المواطن  تقريراً جديداً شاملاً بعنوان “ تبدد الأمل بسوريا آمنة“، حيث يوضح التقرير بالتفصيل كيف أن محنة السوريين تستمر في التدهور، مع تحول الاهتمام العالمي إلى أزمات أخرى، مما يدعوا إلى تدخل دولي عاجل 

يسلط التقرير، والذي يستند إلى أكثر من 3000 مقابلة مع سوريين في كل من المناطق التي يسيطر عليها النظام والمناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الضوء على التحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية الحرجة التي يواجهها السوريون. ويؤكد على الحاجة إلى تغيير منهجي ودعم دولي قوي لخلق بيئة آمنة وكريمة للعائدين.  

لا يزال أكثر من نصف سكان سوريا قبل الحرب نازحين، مع ما يقرب من 5.5 مليون لاجئ خارج سوريا و7.2 مليون آخرين نازحين داخلياً. ومع تحول الاهتمام العالمي نحو أزمات أخرى، هناك اعتقاد خاطئ بأن سوريا تدخل مرحلة ما بعد الصراع. رغم أن سلوك النظام السوري لم يتغير، ولم تحدث عمليات عودة كبيرة. 

لم تتم معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك السياسات الأمنية للنظام، والاعتقالات التعسفية، والاختفاء القسري. أكثر من 80% من اللاجئين والنازحين يطالبون بتفكيك وإصلاح الأجهزة الأمنية التابعة للنظام قبل التفكير في العودة. لم يُترجم انخفاض الأعمال العدائية العسكرية إلى بيئة آمنة. ولايزال المدنيون في المناطق التي يسيطر عليها النظام يتعرضون للاعتقال التعسفي والتجنيد القسري والابتزاز من قبل الميليشيات.  

والوضع الاقتصادي مزري أيضاً، إذ يعيش 90% من السوريين في مناطق النظام تحت خط الفقر. وأدى سوء إدارة الاقتصاد، إلى جانب الفساد والعقوبات الغربية، إلى تفاقم الأوضاع، مما دفع الكثيرين إلى التفكير في مغادرة البلاد.  

في شمال شرق سوريا، الخاضع لسيطرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية، لا تزال البيئة الأمنية غير محققة. حيث تشكل الخلايا النائمة لداعش، والصراعات بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات التركية تهديدات مستمرة. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة، مما أدى إلى تفاقم التوترات العرقية وأدى إلى المزيد من عمليات النزوح. 

إن مستقبل الصراع السوري وعودة اللاجئين ليس مجرد قضية اجتماعية واقتصادية. تشير الدراسات الاستقصائية إلى أنه بدون تغييرات منهجية في بنية النظام وأجهزته الأمنية، لن يعود اللاجئون والنازحون داخلياً، على الرغم من الضغوط المتزايدة عليهم في بلدان مثل لبنان. وأعرب أقل من ربع المشاركين في الاستطلاع عن تفاؤلهم بشأن العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، مسلطين الضوء على الحاجة إلى حلول شاملة، بما في ذلك تدابير العدالة والمساءلة.  

“يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات حاسمة لخلق بيئة آمنة ومستقرة في سوريا. وهذا يعني بذل جهود دبلوماسية متواصلة، وضغط اقتصادي، وإشراك للمهجرين السوريين بشكل مباشر في العملية السياسية. إن الوضع الراهن لا يمكن الدفاع عنه، ونحن نخاطر بالمزيد من النزوح إذا لم تحدث أي تغييرات جوهرية” بحسب ما يقول الدكتور مازن كسيبي، عضو مجلس أمناء الرابطة السورية لكرامة المواطن  

 ويظهر التقرير أن 1.1% فقط من اللاجئين أعربوا عن نيتهم العودة إلى سوريا خلال العام المقبل، مستشهدين بالظروف الأمنية والاقتصادية كمانع رئيسي.  

ويظل الاحتجاز التعسفي واقع يعيشه السوريون في مناطق النظام. على الرغم من الضخ الإعلامي من قبل النظام بشأن مراسيم العفو، قال 17 في المئة فقط من المشاركين في الاستطلاع إنه تم إطلاق سراح أقاربهم المحتجزين سابقاً بموجب مرسوم صدر مؤخراً – اعتباراً من تشرين الثاني 2023 – مع تشكيك أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع في جدية العفو ومغزاه نتيجة لذلك.

 يقول أكثر من نصف سكان مناطق النظام وشمال شرق سوريا إنهم غير راضين عن الأوضاع الاقتصادية في أماكن سكنهم؛ ثلاثة أرباع السوريين في مناطق النظام الذين قالوا إنهم يفكرون في الهجرة إذا أتيحت لهم الفرصة للقيام بذلك قالوا إن العوامل الاقتصادية كانت وراء تفكيرهم.    

ومن الحقائق الصادمة التي سجلها التقرير أن معظم الذين عادوا لأسباب مختلفة لا ينصحون الآخرين بالعودة. وقال نحو 85 بالمئة من العائدين إلى مناطق النظام و91 بالمئة في شمال شرق سوريا إنهم لن ينصحوا المهجرون السوريون الآخرون بأن يحذوا حذوهم.   

 الأهم من ذلك، تشير النتائج التي توصلت إليها رابطة كرامة إلى أن سوريا تشهد الآن تزايداً في نوايا الهجرة والنزوح بين السكان داخل مناطق النظام الذين لم ينزحوا أبداً خلال الفترة الماضية أثناء الصراع ولكنهم مجبرون الآن على التفكير في الحياة خارج سوريا بسبب الانهيار الاقتصادي في البلاد. أعرب أقل من ربع المشاركين في الاستطلاع عن أي تفاؤل على الإطلاق تجاه العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، مع عدم ثقة الكثير منهم في الجهات الفاعلة المشاركة أو في العملية برمتها. 

يقدم التقرير العديد من التوصيات الرئيسية للدول الفاعلة، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا ولبنان ومنظمات المجتمع المدني. ويشمل ذلك وضع خارطة طريق واقعية لبيئة آمنة في سوريا، وضمان المشاركة الهادفة للنازحين السوريين في المناقشات السياسية، وزيادة التمويل الإنساني، ومواجهة الروايات المضللة التي تصور سوريا كمنطقة آمنة بعد الصراع.  

  

اقرأ التقرير الكامل مع النتائج التفصيلية عبر الضغط على الرابط التالي: