مقدمة

أصبح مصطلح “البيئة الآمنة” في السنوات الأخيرة الكلمة الأساسية في جميع المناقشات السياسية ذات الصلة بالشأن السوري. ومن ناحية أخرى، فإنه على الرغم من تأكيد جميع الأطراف على أن البيئة الآمنة تعتبر شرطاً ضرورياً لتحقيق أي مكون من مكونات الحل السياسي، إلا أنه لم يتم تحديد ماهية هذه البيئة بشكل واضح ولم يتم وضع خارطة طريق لتحقيقها أيضاً. والأهم من ذلك أنه لم يتم استشارة السوريين حول شروط ومحددات تلك البيئة الآمنة التي يتم التحدث عنها.

تعمل الرابطة السورية لكرامة المواطن (SACD) منذ أكثر من عامين، على التواصل مع النازحين السوريين في الداخل وكذلك مع اللاجئين بطريقة ممنهجة ومنظمة وذلك لفهم أوضاعهم والتعبير عن رؤيتهم لمستقبل بلدهم بشكل دقيق ومعرفة شروط عودتهم إلى أماكن سكنهم الأصلية بصورة آمنة وطوعية تصون كرامتهم.

حيث تم تحقيق هذا التواصل من خلال حملات منظمة ومستمرة من اللقاءات الشخصية مع مجتمعات اللاجئين والنازحين وكذلك من خلال المناقشات المعدة لتطوير فهم عميق للتطلعات والمخاوف والتحديات التي تواجه المهجرين السوريين. كما أقامت الرابطة السورية لكرامة المواطن (SACD) فرق مناقشة ومسوحات داخل سوريا وخارجها مع عدة آلاف من السوريين، بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، وذلك لاستكمال رؤية تصور السوريين للبيئة الآمنة وظروف العودة إلى بلدهم.

ثم قامت مجموعة من الخبراء القانونيين والدستوريين السوريين والدوليين بمراجعة نتائج هذا التواصل مع المجتمعات السورية النازحة والشخصيات المؤثرة داخل وخارج البلد والتوصل إلى وثيقة الموقف الشاملة هذه وكذلك إلى عدد من الملاحق التفصيلية التي تقدم وصفاً دقيقاً ومفصلاً للبيئة الآمنة من وجهة نظر السوريين وتحدد خارطة طريق عملية وبراغماتية للتنفيذ.

ولقد أسفرت جهود التوعية التي بذلتها الرابطة السورية لكرامة المواطن (SACD) وكذلك نقاشات الخبراء على مدى العامين الماضيين، عن تحديد ثلاثة مخاوف ومعضلات رئيسية للنازحين السوريين – كونهم مكوّناً يضم أكثر من نصف عدد السكان – كما يلي:

  • إن الوضع الأمني وتداعياته في سوريا هو العقبة الرئيسية أمام أي عودة للنازحين واللاجئين بصورة نهائية وعلى نطاق واسع.
  • يواجه العائدون خطراً حقيقياً يتمثل في احتجازهم بشكل تعسفي و/أو إخفائهم وتجنيدهم قسراً أو ابتزازهم ومضايقتهم.
  • لقد تم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين مع الإفلات التام من العقاب وتشمل تلك الجرائم استخدام الأسلحة الكيميائية التي لها آثار دائمة.

ويستند موقف الرابطة السورية لكرامة المواطن (SACD) بشأن تنفيذ البيئة الآمنة إلى الوثائق والقرارات ذات الصلة، بما في ذلك بيان جنيف والقرار 2254، فضلاً عن الدروس المستفادة من البلدان الأخرى التي مرت بظروف مماثلة. ولقد درست الرابطة السورية لكرامة المواطن (SACD) بشكل دقيق مبادئ ومضامين الوثائق ذات الصلة والتي تنظم عودة المهجرين – فضلاً عن آلية تنفيذها – وذلك لاستخلاص استنتاجات عملية وبراغماتية ووضع مجموعة من أفضل الممارسات المتعلقة بهذا الجانب.

ولم تركز هذه الدراسة على تطوير تعريف نظري لبيئة آمنة مثالية من وجهة نظر تصورية، بل ركزت على تحويل رؤية السوريين وتطلعاتهم إلى خارطة طريق ملموسة ذات إجراءات ومراحل تنفيذ محددة بدقة، بحيث تؤدي في نهاية المطاف إلى خلق بيئة آمنة للبلد ككل ولجميع السوريين أيضاً.

إن خارطة الطريق هذه تمثل فعلياً إطار عمل ثلاثي الأطوار، بحيث يتم عن طريقها تقسيم عملية العودة إلى ثلاث مراحل رئيسية مختلفة تماماً ويكون لكل منها متطلباته الأساسية وأهدافه ومخاطره ومجموعة من التدابير العملية التي يجب مراعاتها وهذه المراحل هي:

  1. مرحلة ما قبل العودة
  2. مرحلة أثناء العودة
  3. مرحلة ما بعد العودة

وهذا النهج المرحلي مدفوع بتعقيد عملية العودة وذلك عندما يتم تحليلها من وجهة نظر تنفيذية وليس من جانب نظري. إن تجزئة مثل هذا الالتزام الضخم أمر لا بد منه، لأن كل مرحلة لها متطلبات وأهداف مختلفة وكل مرحلة تشكل أساساً يمهد للمرحلة التالية والتي تتمتع بمجالات عمل وجهات فاعلة وأدوات ونتائج مختلفة. والأهم من ذلك هو أنه يجب أن تكتسب كل مرحلة ثقة المهجرين السوريين في العملية وأن تظهر تقدماً تدريجياً وملموساً ويصاحبها شعور قوي بوجود ضمانات من قبل جهات دولية فاعلة ذات مصداقية.

وتسعى الورقة البحثية التي تم تلخيصها هنا بشكل موجز إلى تحقيق الأهداف التالية:

  • حماية وتعزيز حقوق السوريين وضمان أمنهم ومصالحهم بغض النظر عن أي اعتبارات سياسية.
  • نقل صوت السوريين ورؤيتهم فيما يتعلق بقضية البيئة الآمنة وكيفية تحقيقها.
  • تقديم طريقة عملية للخروج من الشلل السياسي الحالي من خلال التركيز على الخطوات الواقعية للدفع بالعملية إلى الأمام مع إعطاء الأولوية لتصور وتحقيق البيئة الآمنة. إنه ليس من الواقعي أو العملي التركيز على المكونات الفردية للحل السياسي كون جميع تلك المكونات تعتمد على تنفيذ البيئة الآمنة وفي الوقت نفسه يتم تجاهل البيئة الآمنة في حد ذاتها.
  • اقتراح تدابير عملية لبناء الثقة لاستعادة ثقة السوريين في جدية والتزام مؤيدي العملية السياسية وضامنيها وإبراز قدرتهم على تحقيق الشروط اللازمة لعودتهم إلى بلدهم.

يمكنكم تحميل وقراءة الورقة كاملةً من الرابط التالي: