تطبيع الرعب

الأمن وظروف المعيشة في سوريا بقيادة الأسد

بعد عشر سنوات من الصراع في سوريا يزداد المجتمع السوري تفككًا أكثر فأكثر مع مرور الزمن؛ وذلك بسبب استمرار تهجير أكثر من نصف سكانه، والقمع والفساد المستمر؛ بل والمتزايد للنظام السوري، وتقسيم البلاد بين لاعبين حكوميين وغير حكوميين يسعون لترسيخ وجودهم وتأثيرهم، والانهيار الكامل للعملية السياسية.

وقد أسفرت حكومات مثل لبنان والدنمارك بشكل واضح عن نيتها إعادة المهجَّرين السوريين إلى مناطق سيطرة الأسد، متجاهلةً الواقع الصعب والمرير في الأجزاء التي يزعم الأسد أنه يسيطر عليها في سوريا، وتستخدم تدابير مختلفة لإجبار المهجَّرين السوريين على العودة المبكرة، حيث من المفترض أن يتم ضمان احتياجاتهم الأمنية والمعيشية الأساسية من خلال النظام الحاكم، ذلك النظام الذي لا يزال يعتقل ويسجن ويعذِّب عشرات الآلاف من السوريين، ويقصف المدارس والمستشفيات بشكلٍ مستمرٍّ، ويمارس سياسة التجويع تجاه الملايين من المحاصرين في إدلب.إن تلك الحكومات تبني سياساتها على رواية كاذبة عن “تحسن الظروف الأمنية والمعيشية” في مناطق سوريا الواقعة تحت سيطرة الأسد، وكأنها لا ترى الواقع الحقيقي على الأرض.

أحد العوامل التي تساهم في مثل هذا التحريف الواضح لطبيعة الحياة في مناطق سوريا التي يسيطر عليها الأسد هو فشل الوكالات من أمثال المفوضية العامة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الإبلاغ بشكل مفصل وواقعي عن التهديدات التي تواجه العائدين، فضلاً عن مستويات الفساد وتدهور الظروف المعيشية حتى بالنسبة للسوريين الذين لم يغادروا المناطق التي يزعم الأسد أنه يسيطر عليها، مما أدى إلى عدم الوصول إلى الضغط المباشر على النظام السوري، حيث أبلغنا عن ذلك مِرارًا وتَكرارًا، وبالتالي فإنه يقع على عاتق المنظمات والجمعيات والكيانات المحلية المختصة بحقوق الإنسان مثل الرابطة السورية لكرامة المواطن مسؤولية سد الفجوة في نقل تلك المعلومات.

هذا التقرير هو محاولة أخرى لتقليص إمكانية إنكار حقيقة الوضع المزري في سوريا بين صناع القرار المعنيين، إنه التقرير الرابع من نوعه الذي يقدم نظرة ثاقبة على آراء وتصورات السوريين حول بعض القضايا الأكثر صلة التي من شأنها أن ترسم ملامح أي كلام حول إمكانية العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين السوريين، والحل السياسي المستدام الذي يمكن أن يرسم الأمل في سلام دائم يعُمُّ سوريا. من الجيد الاطلاع على تقاريرنا السابقة للحصول على صورة كاملة لمجريات الأحداث ومدى التدهور الأمني ​​والاقتصادي والمعيشي، حتى بالنسبة لأولئك الذين لم يغادروا المناطق التي يسيطر عليها الأسد، ناهيك عن العائدين.

يركز التقرير على حياة الناس في المناطق التي يسيطر عليها الأسد، مرفقًا بأكثر من خمسمائة مقابلة أجريت حول قضايا مثل الشعور بالأمان والظروف المعيشة والفساد، وتأثير جائحة كورونا، وتصورات عن تأثير العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

ومن أكثر الحقائق المأساوية التي كشف عنها هذا البحث هي أن السوريين في مناطق سيطرة الأسد بمن فيهم أولئك الذين أُجبِروا على العودة أو غُرِّر بهم بدؤوا في اعتبار العنف والقمع الذي يُمارًس من قبل أجهزة الأمن التابعة للنظام أمرًا طبيعيًّا في الحياة. يتم الآن قبول الاعتقالات والابتزاز باعتبارها تهديدات على حياة المرء وتم تطوير استراتيجيات للتعامل معها، خاصة وأن الظروف المعيشية تتدهور أكثر في ظل الاقتصاد المتهاوي، ومع ذلك لا يزال السوريون يحلُمُون بحياة حرَّة كريمة، وهذا التقرير يُعَدُّ مجرَّد تذكيرٍ آخر بهذه الحقيقة.

بشكل واضح، على الرغم من المفاهيم الخاطئة حول العقوبات المفروضة على النظام بسبب جرائمه وانتهاكاته لحقوق الإنسان، فإن غالبية الذين تمت مقابلتهم بمن فيهم أولئك الذين لم يغادروا سوريا أبداً ذكروا أنهم على استعداد لتحمُّل عقوبات أقسى إذا كان ذلك سيؤدي إلى إزالة النظام وإصلاح الأجهزة الأمنية

الحديث الذي يجب أن يهيمن على أيِّ نقاشاتٍ سياسية ٍحول سوريا يجب أن يكون حول إيجاد بيئة آمنة لجميع السوريين، وهذا وحده كفيلٌ بتهيئة الظروف لعودة آمنة وطوعية وكريمة لأكثر من ثلاثة عشر مليون مهجَّر سوري، وهو المفتاح لأيِّ حلٍّ سياسيٍّ واستقرارٍ دائمٍ لسوريا والمنطقة أجمع.

النتائج الرئيسة

  • عدد كبير من السوريين لا يشعر بالأمان، حيث يرتبط مفهوم السلامة ارتباطا وثيقا بالتهديد المتوقع للنظام في منطقة معينة.
  • لا يزال السوريون يريدون رؤية حل سياسي للأزمة.
  • يواجه المعتقلون وعائلاتهم البائسة حالةً من اليأس والضَياع، إضافة لتعرضهم للابتزاز وطلب الرشوة.
  • إن ضمانات النظام السوري والروسي لا تعني شيئاً من الناحية العملية.
  • يتفشى الفساد وينتشر بمعدلات متزايدة خلال عام 2020، مقارنة بفترة السنوات التسع السابقة.
  • إن أولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام لا يدعمونه ولا يدعمون سياساته بالضرورة،
  • يعتقد المشاركون أن العودة إلى مناطق سيطرة الأسد في ظلِّ السُّلْطة الحالية ليست آمنة؛ لكنهم يعتقدون أن العودة أمرٌ ضروريٌّ لمستقبل البلاد ولأي حلٍّ سياسي.
  • تدهورت الأوضاع المعيشية كثيرًا بسبب انخفاض القوة الشرائية وارتفاع تكاليف الحياة، ويحاول المواطنون الاعتماد على أشكالٍ متعددة من الدخل لتغطية نفقاتهم.
  • مع انتشار جائحة (كورونا)، وصعوبة إيجاد الوقاية اللازمة، وغياب الشفافية حول الواقع الحقيقي والتحايل بناءً على ما تشكله الجائحة من تهديدٍ لمناطق سيطرة الأسد
  • على الرغم من أن بعض روايات النظام عن تأثير (قانون قيصر) على الوضع الاقتصادي لها بعض المصداقية، حيث وجدت آذانًا صاغيةً عند بعض المواطنين؛ إلا أنَّ العدد الأكبر منهم بعيدون كل البعد عن الأوهام التي تروِّجها سُلْطة الأسد وأبواقها الإعلامية حول سبب وجود هذه العقوبات، واعتبارها السبب الوحيد في تردِّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية؛ بل والمفاجئ أن عددًا كبيرًا مستعدٌّ لتحمُّل المزيد من المشاقِّ والصعوبات جَرّاء هذه العقوبات إذا كان ذلك سببًا لإحداث تغيير دائم

للحصول على تحليل مفصل للنتائج الرئيسية ، انقر هنا:

التقارير السابقة

منذ منتصف عام 2019م تقوم الرابطة السورية لكرامة المواطن ببناء رؤيةٍ فريدةٍ وشاملةٍ لقضية اللجوء في سوريا، مما يتيح مقاربةً شاملةً في فهم هذه الكارثة الإنسانيّة غير المسبوقة والتعامل معها في نهاية المطاف، وترتكز هذه الرؤية على ثلاثة مجالات رئيسة هي:

  • الظروف الأمنية والمعيشية الفعليّة في المناطق التي يسيطر عليها الأسد.
  • الدوافع وراء قرار السوريين مغادرة منازلهم وعدم محاولة العودة.
  • شروط عودة اللاجئين السوريين.

يُعدُّ هذا التقرير تحديث موسَّع للتقرير الأول الذي صدر في أكتوبر 2019م والذي ركّز بشكل أساسيٍّ على الظروف الأمنية والمعيشية والحقوق.

يركز هذا التقرير على التطورات الرئيسة الجديدة في العام الماضي التي تشمل سياسات سُلْطة الأسد في التعامل مع وباء (كوفيد 19) وتأثير العقوبات الأمريكية والاتحاد الأوروبيِّ على المواطنين السوريين، وكيفية النظر إلى هذه العقوبات.

على الرغم من أن هذا التقرير هو تقريرٌ مستقلٌّ في معظمه؛ إلا أنه يوصي بشدة بمراجعة النتائج الرئيسة والملخصات التنفيذية للتقارير السابقة للمساعدة في بناء النظرة الكاملة عن كيفية تطور قضية التهجيرعلى مدى العامين الماضيين، والأهم من هذا هو كيفية تفكير السوريين حول قضية اللجوء وتأثيرها على وضعهم الحالي والمستقبلي.

الوضع الأمني

يُعرّف النظامُ “البيئة الآمنة” على أنَّها غيابُ الهجماتِ العسكريةِ والعملياتِ واسعةِ النطاق، ومع ذلك فإنَّ مصطلحَ الوضعِ الآمنِ حقًّا يَستلزِم نطاقًا أوسع بكثير من القضايا والظروف والحقوق التي يجب توفيرها لجميع السوريين، هذه الاعتباراتُ الأوسعُ نطاقًا هي متطلباتٌ أساسيةٌ لعودة المهجرين ولإيجاد حلٍّ سياسيٍّ شاملٍ ومستدامٍ في سوريا.

الشعور بالأمان

نصف المستجيبين -فقط- يشعرون بالأمان في أماكن إقامتهم الحالية داخل مناطقِ سيطرةِ النظام , يُفصِّل هذا التحليل مفهوم المستجيبين عن الشعور بالأمان وفقًا لما يلي: التوقعات بناءً على الظروف قبل الانتقال إلى المناطق التي يُسيطِر عليها النظام، وحالة النزوح الحالية

الشعور بالأمان حسب نوع المنطقة

مناطقُ المصالحة هي الأكثرُ خطورةً حيث إنَّ (94%) من القاطنين في هذه المناطق أفادوا بأنهم لا يشعرون بالأمان.

إنَّ انعدامَ الشعور بالأمان ناتجٌ عن انتهاكات النظام المستمرة لبنود اتفاقيات المصالحة الخاصة بالأمن والتجنيد، وانتشارِ الاغتيالات والاعتقالات التعسفية تُظهِر بياناتُ الاستطلاع أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة كان له تأثيرٌ في “التطهير” على السكان، وأدَّى إلى ما أطلق عليه رئيس النظام بشار الأسد ذاتَ مرةٍ “المجتمع المتجانس”.

-انعدام الأمن قائم على الدليل أو التصور حسب نوع المنطقة

إنَّ إحساسَ السوريين بعدم الأمان قائمٌ على الأدلة، حيث قال معظم المشاركين الذين عبَّروا عن عدم شعورهم بالأمان أنَّ هذا بسبب انتهاكات الحقوق والابتزاز والإساءة التي تعرضوا لها بشكلٍ مباشرٍ هم أنفسهم أو أفرادٌ آخرون من أسرهم أو مجتمعهم

-أسباب عدم الشعور بالأمان

يبقى المصدر الرئيس لانعدام الأمن هو السياساتُ والممارساتُ الأمنيةُ للنظام، والتي تكاد تكون متطابقةً في جميع المناطق التي يسيطر عليها النظام، بغض النظر عن كيفية الاستيلاء عليها

-أسباب انعدام الأمن حسب نوع المنطقة

في حين أن بعض أسباب انعدام الأمن تختلف باختلاف أنواع المناطق؛ إلا أن المصدر الأكثر انتشارًا وثباتًا في جميع المناطق لا يزال مرتبطًا بالخوف من قوات الأمن

الاعتقالات

يواصل النظام السوري سياسته القمعية المتمثلة في الاحتجاز والاعتقال التعسفي في معظم المناطق الخاضعة لسيطرته ، ويشمل ذلك اعتقال الأفراد الذين وقَّعوا وثائقَ تسويةٍ شخصية “اتفاقيات المصالحة” في مناطق المصالحات وأماكن أخرى

ما يقرب من خُمُس المستجيبين؛ أي: (19%) أكَّدوا أن الاعتقالاتِ كانت ضد أشخاصٍ مشمولين سابقًا بأحد قوانين العفو والمراسيم الصادرة عن النظام

تؤكد هذه النتائج أن النظام لا يحترم الاتفاقات والمراسيم الخاصة به التي يصدرها هو نفسه، وأنه من الصعب جدًّا على السوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام أو يخططون للعودة اتخاذُ قرارٍ مستنيرٍ بشأن مستقبلهم، مما يدلُّ مرةً أخرى على عدم وجود أيَّة ضماناتٍ حقيقية.

تختلف نسبة المعتقلين بين المشاركين منذ بداية النزاع بشكل كبير؛ لكنها تؤكد أن هذا التوجه لا يزال مستمرًا.

أظهر الاستبيان أن (82%) من اعتقالات المشاركين أو أقاربهم كانت بدون أمرٍ من المحكمة، على الرغم من أن المادة 53 من الدستور السوري الحالي والصادر عام 2012 بموجب المرسوم التشريعي (رقم: 94) تحظر الاحتجاز التعسفيَّ والتعذيب، أكثر من نصف؛ أي: (53%) من أقارب المشاركين المعتقلين محتجزون في أماكنَ مجهولةٍ

الابتزاز والاعتقالات

أصبحت الاعتقالات -أيضًا- نقطة البداية لعدد كبير من حالات الابتزاز، حيث تتمُّ العديد من الاعتقالات دون أيِّ أمرٍ قانونيٍّ كما ذُكِر أعلاه، ودون أيِّ سببٍ واضح، وفي كثير من الحالات يتم تنفيذ الاعتقالات من قبل الميليشيات أو العناصر دون إبراز أيِّ بطاقة، ونتيجةً لذلك فإن نسبةً كبيرةً من أهالي المعتقلين لا يعرفون من قام بعملية الاعتقال

من الواضح بما لا يدع مجالًا للشكِّ أن هناك انتهاكاتٍ منهجيةً لحقوق المعتقلين، وأن الميليشيات والمسؤولين المرتبطين بالنظام يقومون باعتقالات غيرِ قانونيةٍ لابتزاز ذوي المعتقَلين من أجل الحصول على الأموال لزيادة دخلهم

قرارات العفو

ناقش الاستطلاع تصور وتأثير (18) قرار عفوٍ أصدره النظام السوري منذ بدء الانتفاضة الشعبية في آذار 2011، ويكشف فحص توقيت ونطاق تلك المراسيم عن الأنماط التالية:

  • تُصدر قرارات العفو عادةً عندما يكون النظام
    1. تحت ضغط أو تدقيق من قبل المجتمع الدولي (على سبيل المثال المرسوم 6/2020)
    2. يشعر بمستويات عالية من السخط الشعبي.
    3. يحتاج إلى تحسين صورته قبل بعض الأحداث الرئيسة مثل الانتخابات (على سبيل المثال، المرسوم 13/2021).
  • معظمها عبارة عن قراراتٍ جُزئيّةٍ مع استثناءاتٍ كثيرةٍ تستهدِف أفرادًا وقطاعاتٍ من المجتمع يجب أن تشملهم، وينتهي بها الأمر إلى استبعاد إطلاق سراح المعتقلين الذين اعتُقلوا بسبب دورهم في الانتفاضة أو لموقفهم السياسي.
  • حتى مع الطبيعة الجزئية والانتقائية للعفو، فإن تنفيذ المراسيم وتطبيقها يقلِّلُ من تأثيرها؛ حيث غالبًا ما يتم تنفيذها بمستوَياتٍ عاليةٍ من الفساد والابتزاز.

سلوك النظام السوري

أكثر من نصف المستجيبين قالوا: إن سلوك النظام السوري قد ساء بدلًا من أن يتحسن؛ فبدلًا من أن يصبح أقلَّ وحشية حال استعادته للأراضي تصرَّف النظام بشكل أكثر وحشية؛ وفقًا لأولئك الذين يعيشون تحت سيطرته.

تقييم شروط الأمن

نظرًا لصعوبة وضع معاييرَ متفَقٍ عليها للظروف “الجيدة” أو “المقبولة” في هذا القسم تمَّ اعتبارُ الوضع الأمني في عام 2011 -أيْ: قبل بدء المظاهرات السِّلمية مباشرةً- كأساس، حيث أكَّد ما يقرب من (82%) من المستجيبين أن الظروف الأمنية في عام 2011 لم تكن مناسبةً لضمان حدٍّ أدنى من “الحياة الكريمة”.

الحقوق والحريات

حرية التعبير

أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين من الذين شملهم الاستطلاع أنهم لم يتمكنوا من التعبير عن آرائهم بحرية، كما لم يتمكَّنوا من إظهار مواقفهم الحقيقية بشأن القضايا الرئيسة

الاحتجاجات السلمية

تعتقد الغالبية العظمى من المشاركين حوالي (85%) أن حقهم في التظاهر السلميِّ غيرُ محميٍّ

الفساد

أكَّد المشاركون أنَّ مستويات الفساد في سوريا ما زالت تتفاقم بسرعة وذلك بعد استطلاع الرأي عام 2019 بعد أن تضاعف بين عامي 2011 و2019

بعد ما يَقرُب من عشر سنواتٍ من الصراع لم يَصِفْ أيٌّ من المشاركين في هذا الاستطلاع الوضعَ الحاليَّ بأنَّه “خالٍ من الفساد” حيث يعتقد أكثر من ثلاثة أرباع المستجيبين؛ أي: حوالي (77%) أنَّ الفسادَ منتشرٌ بمعدَّلاتٍ مرتفعةٍ أو مرتفعةٍ للغاية في عام 2020

دور الجهاز القضائي في قضايا الفساد

أكثر من نصف المستجيبين؛أي: حوالي (52%) لا يعتقدون أنَّ لديهم وصولًا عادلًا وشفّافًا إلى النظام القضائي، حيث تتأثر حقوقهم بالفساد وانعدام الاستقلالية

أكثر من نصف المشاركين؛ أي: حوالي (52%) أنهم يعتقدون أنه من غير المفيد الإبلاغ عن الفساد

يعتقد معظم المستجيبين أن الفساد يحدث بمباركةِ وإشرافِ مدراء المؤسسات والمسؤولين، وأن النظام لا يبدي أيَّ اهتمامٍ فعليٍّ بمكافحة الفساد.

مغادرة مناطق النظام

على الرغم من الوضع الحالي في سوريا فإن النظام وروسيا يروِّجان لروايةٍ مطمْئنةٍ حول انتهاء الصراع، وعودة الأمور إلى طبيعتها، وإمكانية عودة المهجرين، في محاولةٍ لتشجيع تمويل إعادة الإعمار وتقويض العملية السياسية.

في استبيان آراء الموجودين في مناطق سيطرة النظام حول إقامتهم والوجهة المرغوبة في المستقبل، حيث أشار ما يقرب من نصف المشاركين؛ أي: حوالي(49%) إلى أنهم يريدون مغادرة أماكن إقامتهم الحالية داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري

اختلفت أسباب ودوافع المشاركين في بحثهم عن السبل الممكنة للمغادرة، وقد ذكر المستجيبون الأسباب التالية:

  • بالنسبة للذين يعيشون حاليًّا في سوريا فإن الأسبابَ الاقتصاديّةَ هي السبب الرئيس للمغادرة؛ لأنهم تأقلموا مع الواقع الأمني الجديد وتعلَّموا كيفية التعامل معه.
  • أما بالنسبة للمقيمين خارج سوريا فإن الأسبابَ الأمنيّةَ هي العائقُ الأساسيُّ للعودة.

عند سؤال المشاركين عن نصحهم للمهجرين بالعودة إلى البلاد أشار (74%) أنهم لا ينصحون المهجَّرين بالعودة؛ بسبب الوضع الحالي في المناطق التي يسيطر عليها النظام

أكدت الغالبية العظمى ممن أوصوا النازحين بعدم العودة؛ أي: حوالي (86%) أنهم استندوا في توصياتهم هذه على تجاربهم الشخصية، وليس فقط على تصوراتهم.

الظروف السياسية

طُلِب من المشاركين إبداء آرائهم بشأن الأوضاع السياسية في مناطق إقامتهم، والتي تشمل النظام السياسي ونوع الحوكمة والحريّات السياسية التي يتمتعون بها.

وعند سؤالهم عن الظروف السياسية التي توفِّر الحد الأدنى للعيش الكريم والحياة الكريمة أشار (79%) من المستجيبين إلى أن الظروف في عام 2011 كانت غيرَ ملائمةٍ ولا تُلبِّي معايير العيش الكريم.

الظروف المعيشية

الظروف الاقتصادية والمعيشية منذ الاستطلاع

رصدتِ الرابطةُ السورية لكرامة المواطن (كرامة) الوضع على الأرض في سوريا بطريقة منهجيّةٍ ومنتظمةٍ على مدى العامين الماضيين.

منذ الانتهاء من استطلاع أيلول 2020 الذي تم تناوله في هذا التقرير استمرت الرابطة في متابعة الظروف الاقتصادية والمعيشية في المناطق التي يسيطر عليها النظام عن كثبٍ لتحديد كيفية تطوُّرها منذ ذلك الحين

استقرت الليرة بعد ذلك عند (3000 إلى 3500 ليرة سورية مقابل 1 دولار أمريكيّ) في حزيران 2021؛ لكن إصدار النظام للعملة الورقية من فئة (5000) ليرة سورية في كانون الثاني 2021  واشارة بيانات برنامج الأغذية العالمي الصادرة في شباط 2021 إلى “أن رقمًا قياسيًّا يبلغ (12.4) مليون سوري – ما يقرب من (60%) من السكان – أصبحوا تحت تهديد الحد الأدنى من الأمن الغذائي، وأنه فيما يزيد قليلًا عن عامٍ واحدٍ أصبح (4.5) مليون سوريٍّ إضافيٍّ يعانون من انعدام الأمن الغذائي”

ومن الأمثلة الأخرى على تدهور الظروف الاقتصادية والمعيشية تخفيض الحكومة لساعات عمل موظفي الدولة بنسبة (60%) في الرابع من نيسان 2020 بعد أن منعت أزمات الوقود والكهرباء الموظفين من الحضور في الوقت المحدد أو حتى القدرة على الانتقال من وإلى العمل.

البطالة

إن نسبة البطالة عند النساء في مختلف الأعمار والمستويات التعليمية تبلغ (45%) مقابل (8%) عند الرجال

حيث تؤكِّد على نقص فرص العمل للمرأة، على الرغم من أن الأسر بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى دخلٍ إضافيّ، وعلى الرغم من الواقع القاسي المتمثل في أنَّ العديد من النساء قد أصبحن العائل الرئيس أو الوحيد للأسرة بعد وفاة الزوج أو الأب أو احتجازهما أو تجنيدهما أو اختفائهما

ما يقرب من ثلثي المشاركين العاطلين عن العمل؛ أي: حوالي (65%) حاصلون على الشهادة الثانوية، أو يحملون شهادة جامعية أو معهد تدريب مهني أو حتى دراسات عليا، مقارنة بـ (68%) ممن يقومون بعمل يومي أو موسمي بنفس النوع والمستوى التعليمي

الدخل

حلَّلتْ هذه الدراسةُ دخْلَ المشاركين حسب الجنس والوظيفة والمنطقة والمستوى التعليمي في ثلاث فتراتٍ زمنية:

  1. قبل عام 2011 (1 دولار أمريكي = 50 ليرة سورية)
  2. عام 2019 (1 دولار أمريكي = 685 ليرة سورية)
  3. فترة الاستطلاع أيلول – تشرين الأول 2020 (1 دولار أمريكي = 2200 ليرة سورية)

انخفض متوسط ​​دخل الإناث المشاركات في الاستطلاع بشكل كبير، وبنسبة أكبر من متوسط ​​دخل المشاركين الذكور، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية السيئة وانخفاض قيمة الليرة السورية؛ نظرًا للأعداد المتزايدة للأسر التي تعيلها نساءٌ, إن مثل هذه الانخفاضات قد تكون لها تأثيراتٌ أكبرُ على رفاهية الأسر

. متوسط ​​الدخل (بالدولار) حالياً للنساء العاملات المشاركات في هذه الدراسة أقل بنحو (90%) مما كان عليه قبل عام 2011؛ وانخفض دخل الرجال بنحو (86%)؛ ومع ذلك تتسبب الأزمة الحالية بتوسيع فجوة الأجور بين الجنسين، فقد بلغت قيمة أجور المشاركات الإناث حوالي (96%) من نُظرائهن من الذكور في عام 2011، وانخفضت قيمة أجورهنَّ إلى ما يقرب من (63%) في عام 2020؛ وقد تفاقمت هذه الانخفاضات بسبب الارتفاع غير المسبوق في التضخم خلال الفترة نفسها.

يعتمد (22%) فقط من المشاركين الذين لديهم عمل على دخلهم الوظيفي الرئيس، في الوقت الذي يعتمد الباقين على مصادر أخرى للدخل، على سبيل المثال: مساعدات الأسرة، والمدخرات، وبيع الأصول لإعالة أنفسهم وأسرهم

تشكِّلُ تحويلات المغتربين جزءًا كبيرًا من دخل الأفراد، حيث إنَّ (36%) من الأسر التي لديها موظفٌ واحدٌ على الأقل، و(49%) من الأسر التي ليس لديها أعضاءٌ عاملون حاليًّا؛ تعتمد على المساعدات والتحويلات من الأقارب والمعارف

بالإضافة إلى ذلك يتلقى (11%) من أسر المستجيبين العاملين و(18%) من أسر المستجيبين غير العاملين مساعدةَ المنظمات غير الحكومية

الظروف الاقتصادية والسياسات المالية

عزا حوالي (60%) من المستجيبين أسباب التدهور الاقتصادي إلى الحرب الطويلة اوعزت النسبة نفسها تقريبًا الوضع الاقتصادي الحالي إلى الفساد وسوء إدارة الدولة

كشفت النقاشات والحوارات الممتدة مع المستجيبين عن تصورٍ بأن الوضع الاقتصادي الحالي دفع الشباب السوري إلى العمل في الميليشيات المسلحة وقبول التجنيد من قبل روسيا وإيران.

القوانين الصادرة بشأن تداول العملات الأجنبية

 أصدر بشار الأسد المرسوم التشريعي (رقم 3) لعام 2020 الذي يفرض عقوباتٍ شديدةً (سبع سنوات من الأشغال الشاقة وغراماتٍ تصل إلى ضعف المبلغ المتداول) على المتعاملين بعملاتٍ غير الليرة السورية

في حين أن حيازة العملات الأجنبية أو المعادن النفيسة ليس مخالفًا للقانون، ويمكن لنقاط التفتيش الأمنية اعتقال أيِّ شخص لقيامه بذلك؛ لذلك يصعب تحويل الأموال من الخارج، خاصة من لبنان.

ومع ذلك تعتمد نسبة كبيرة من السوريين في مناطق سيطرة النظام على التحويلات المالية من الأقارب والأصدقاء، والتي تكون عادةً بالعملة الأجنبية، وسعر الصرف الرسميُّ منخفضٌ للغاية -أحيانًا نصف ما هو موجود في السوق السوداء- مما يجعل مجرَّد إجراء استلام الأموال وتحويلها إلى الليرة السورية مهمةً محفوفةً بالمخاطر.

يعتقد ما يقرب من نصف المشاركين؛ أي: حوالي (43%) أن المراسيم والقوانين المتعلقة بتداول العملات الأجنبية صُمِّمتْ لخلق مصدرٍ جديدٍ لزيادة دخل المسؤولين وشبكات الفساد المرتبطة بالنظام

تحقيق حياة كريمة

أعربت الغالبية العظمى؛ أي: حوالي (89%) من المشاركين عن عدم رضاهم عن الوضع الحالي على جميع الأصعدة؛ سواء أكان الأمن أو الظروف المعيشية أو الاقتصاد أو الخدمات

يعتقد ما يقرب من ثلاثة أرباع المستجيبين؛ أي: حوالي (73%) أنه من المستحيل تحقيق مستوًى معيشيٍّ لائقٍ في الوضع الحالي، وذلك عند سؤالهم عن الأمن والاقتصاد والخدمات والظروف السياسية.

-الظروف الاقتصادية

تظهر نتائج هذه الدراسة التدهور الحالي في الظروف الاقتصادية التي عاشها المشاركون على مدى السنوات العشر الماضية.

أشار أكثر من نصف المشاركين بقليل؛ أي: حوالي (52%) إلى أن الظروف الاقتصادية التي كانت موجودةً في العام 2011 وفَّرت لهم حياةً اقتصاديةً لائقة، بينما أشار (44%) إلى أنها لم تفعل ذلك

أعرب (1%) فقط من المشاركين عن رضاهم عن الظروف الاقتصادية الحالية، وأنها تسمح بمستوًى معيشيٍّ لائق، وهو نفس المستوى الذي كان عليه في عام 2019.

تظهر هذه النتائج أن جميع المشاركين تقريبًا ما زالوا غير راضين عن الظروف الاقتصادية، وأن قانون قيصر لم يكن له هذا التأثير على حياتهم البائسة أساسًا.

-الحد الأدنى من الخدمات

أعرب ما يقرب من (52%) من المشاركين عن أنَّ العودة إلى مستويات الخدمات المقدمة عام 2011 ستفي بالحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة

أفاد عدد مماثل تقريبًا من المشاركين حوالي (47%) أن ظروف الخدمة في عام 2011 لم تكن بمستوى الحياة اللائقة، فعلى سبيل المثال: قبل الحرب شهدت مدينة دمشق انقطاعًا منتظمًا في الكهرباء والمياه، إضافةً لمشاكلَ أخرى ونقصٍ في الخدمات

العقوبات – قانون قيصر

منذ بداية القمع الوحشي للتظاهرات السلمية في سوريا عام 2011، فرضت العديد من الدول (خاصة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية) عقوباتٍ على النظام السوري بسبب انتهاكاته الممنهجة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب الموثقة التي تُرتكب بحق المدنيين السوريين.

أسباب العقوبات

اتفق أكثر من ثلاثة أرباع المستجيبين؛ أي: حوالي (86%) على أن أحد أسباب فرض العقوبات على النظام السوريِّ هو ممارساته وسياساته الأمنية،

أثر العقوبات

 جاء تطبيق قانون قيصر في 17 كانون الثاني 2020 بعد زيادة غير مسبوقة في التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة التي لم يسبق لها مثيل في سوريا، إلى جانب نقص المواد الأساسية وهبوط العملة لتسجل قِيَمًا منخفضةً جدًّا، وبالتالي فإن تأثير القانون على الاقتصاد والظروف المعيشية للسوريين في مناطق سيطرة النظام غير واضح، لا سيَّما وقت إجراء المسح في الربع الرابع من عام 2020

يعتقد ثلاثة أرباع المشاركين في الدراسة؛ أي: حوالي (73%) أنهم تأثروا اقتصاديًّا بهذا القانون

بالنظر بمزيدٍ من التفصيل إلى الكيفية التي يعتقد بها السوريون أن قانون قيصر أثر عليهم، من الواضح أن التأثير تنوَّع وفقًا لمستوياتهم التعليمية والوضع الوظيفي والمهنة والفئة العمرية.

أكبر تأثير محسوس هو ازدياد تكلفة المعيشة والزيادة في أسعار السلع الأساسية (95%)

التغيير السياسي

عندما سُئل المشاركون عما إذا كانوا يعتبرون أن قانون قيصر وسيلةُ ضغطٍ على النظام لتغيير سياساته ونهجه الأمني، قال (44%) من المستجيبين أنهم لا يعتقدون ذلك، في حين تباينت الإجابات المتبقية بين الاتفاق مع هذا أو أنها لا تعرف كيف قد يؤثر قانون قيصر على سلوك النظام

جائحة كورونا

عند سؤالهم عن جائحة كورونا أكد (32%) من المستجيبين أنهم أو أحد أقاربهم أصيبوا بالفيروس، (58%) من المصابين منهم لم يتلقوا الرعاية الصحية اللازمة.

تم تصنيف مناطق المصالحات بأنها الأسوأ بواقع (86%)، وقال (70%) من المشاركين في المناطق الخاضعة للسيطرة العسكرية للنظام أنهم لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية

وأكد ما يقرب من (87%) من المستجيبين أن العمليات والإجراءات المفروضة على المواطنين من أجل الوصول إلى الخدمات الأساسية أو من أجل الحصول على السلع الأساسية قد ساهمت في انتشار الوباء

التوجهات والنوايا

يعتقد ما يقرب من 70 في المائة من المشاركين أن عودة المهجرين السوريين هي قضية أساسية لمستقبل البلاد  يكتسب هذا الرقم أهمية أكبر إذا تم وضعه ضمن السياق التالي:

  • على الرغم من أن 74 في المائة من المشاركين أوصوا بعدم عودة المهجرين إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام في الظروف الحالية، ويسعى ما يقرب من نصف المشاركين حاليًا إلى مغادرة هذه المناطق، لا يزال هناك اعتقاد سائد بضرورة عودة المهجرين ليلعبوا دورًا رئيسيًا في إعادة إعمار البلاد من أجل الاستقرار. ترتبط هذه الرغبة بنقص الحرفيين التقليديين وأصحاب المهن المبدعين، وحالة استنزاف العقول والشباب التي تعاني البلاد منها منذ عام 2011، والانقسام العميق في النسيج الاجتماعي للمجتمع. تظهر هذه النتائج قلقًا حقيقيًا بشأن مستقبل البلاد على الرغم من الواقع الكئيب الحالي.
  • قامت الشخصيات الموالية للنظام والمنصات الإعلامية المرتبطة بحملة شرسة تصور السوريين الذين غادروا البلد خلال السنوات العشرة الماضية على أنهم “خونة” غادروا البلاد في اللحظات الصعبة، وبالتالي فهم لا يستحقون العودة. بل إن بعض مسؤولي النظام هددوا بقتل العائدين. هذه الشيطنة للنازحين والتجريد من إنسانيتهم ​​كان لهما تأثير محدود بين السوريين في المناطق التي يسيطر عليها النظام، لكن يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند تقييم نتائج الاستطلاع في هذا القسم

النتائج

تمثل مناطق المصالحة التصنيف الأسوء من حيث الشعور بانعدام الأمن بين المشاركين في هذه الدراسة. حيث أن 74 في المائة من المشاركين في الاستبيان الذي أجرته الرابطة السورية لكرامة المواطن لعام 2019 أفادوا بأنهم لا يشعرون بالأمان في مناطق إقامتهم، ارتفع هذا الرقم إلى 94 في المائة في استطلاع 2020.

وتشير هذه الأرقام بوضوح إلى أن مناطق المصالحات فشلت في توفير الأمن للمواطنين، وأن سياسات النظام الأمنية وممارساته العامة تضعف الشعور بالأمن لدى السوريين بشكل عام.

التوصيات

التوصيات لمكتب المبعوث الخاص:

يجب أن يصبح إنشاءُ بيئةٍ آمنةٍ لجميع السوريين في مقدِّمة وفي قلب العمليّة السياسيّة، وعلى مكتب المبعوث الخاص ​​أن يدفع بهذا الأمر إلى رأس الأجندة السياسيّة المتعلقة بسوريا في الأشهر المقبلة.

يتضح من نتائج هذا التقرير والتقارير السابقة أن القضايا والتحديات الرئيسة التي تواجه عودةً آمنةً وطوعيةً وكريمةً للمهجَّرين السوريين وكذلك تحقِّقُ حلًّا مستدامًا في سوريا كلُّها مرتبطةٌ بالتعريف الواقعيِّ والشامل للبيئة الآمنة، والتنفيذِ الناجح لاحقًا لهذا التعريف.

  • ضماناتُ النظام السوري ووعودُه للسوريين لم يتمُّ الالتزام بها، ولم يتمَّ تنفيذُ اتفاقيات المصالحة وقرارات العفو، ولم تتوفَّرْ حمايةٌ طويلة الأمد؛ بل ولا ينبغي اعتبارها نجاحًا في شكلها الحاليّ؛ لذلك يجب أن يتضمن المسارُ السياسيُّ وأيُّ مبادراتٍ تنبثق عنه إجراءاتِ بناء ثقةٍ واسعةِ النطاق، ورقابةٍ خارجيةٍ، ومراقبةٍ للضمانات حتى يثق الشعب السوري -خاصةً المهجَّرين منه- في قدرة المجتمع الدولي على فرض الشروط اللّازمة على النظام.
  • العيشُ ضمن منطقةٍ جغرافيّةٍ لا يعني دعم طرفٍ في النزاع، فالكثير من الموجودين في مناطق النظام غيرُ راضين أبدًا وغيرُ قادرين على التعبير عن ذلك.

وسيكون من الخطأ الفادح والظلم الشديد النظرُ في خريطة النفوذ الحالية في سوريا على أنها واقعٌ فعليّ، وبناءُ الفرضيات والحلول بناءً عليها.

ومن الضروري ضمان أن طريق الحل المستنِدِ إلى الحقوق يتوجَّبُ تطبيقُه على جميع المقترحات والمفاوضات باستخدام القواعد والمبادئ المتفق عليها دوْليًّا كإطار عمل.

  • هناك قضايا هامة تتعلق بكيفية معاملة عائلات المعتقلين؛ من نقص المعلومات المتعلقة بالمعتقل، إلى الابتزاز مقابل الحصول على هذه المعلومات.

هناك حاجةٌ مُلحّةٌ لمعالجة صعوبة الوصول إلى سيادة القانون، ومعالجة حجب المعلومات عن أهالي المعتقلين، وإيجاد وسائل لتوفير تلك المعلومات دون رشوة.

هناك الكثير الذي يتعين القيام به بشأن قضية الاعتقال أكثر مما يتمُّ القيامُ به في الوقت الحاليّ، وينبغي لمكتب المبعوث الخاص أن يأخذ زمام المبادرة من المنظمات التي تهتمُّ بالضحايا وعائلاتهم.

إن تحقيق أيِّ تقدمٍ أو حتى نجاحٍ جزئيٍّ في هذه القضية هو الاختبار الحقيقيُّ للمجتمع الدوْليِّ ولمكتب المبعوث الخاص للتخفيف عن السوريين، وبالتالي يجب أن يكون هذا التخفيف عن السوريين قِبلةَ الجهد السياسيّ، وشرطًا أساسيًّا لأيِّ تقدُّمٍ حقيقيٍّ في الملف.

التوصيات للجهات الفاعلة والمشاركة في العمل على إيجاد حلٍّ سياسيّ:

  • السوريون يريدون حلًّا سياسيًّا؛ لكن ليس بأيِّ ثمن، ولا دون شروطٍ وضماناتٍ دوْليّةٍ قوية.

إن تأخير جهود المسار السياسي أو تحويلها عن القضايا الحقيقية -مثل: عودة المهجرين، ومصير المعتقلين… إلخ- لن يحل النزاع ولا حتى يجمِّده؛ بل سيؤدي إلى تفاقمه، وسيؤدي إلى مزيدٍ من موجات اللجوء، ومن الضروري مضاعفة الجهود لتأمين حلٍّ سياسيٍّ شاملٍ ومستدام.

  • إن التوصل إلى توافقٍ مشتَركٍ حول تعريف “البيئة الآمنة” وآليات وضمانات تحقيقها يجب أن يكون الخطوة التالية في العملية السياسية، والأداةَ الرئيسةَ لتنشيطها، ويجب تطوير هذا التعريف بمشاركةٍ حاسمةٍ وفعّالةٍ من السوريين أنفسهم.
  • لا يزال الأمن هو الشغل الشاغل والتهديد الرئيس للسوريين، ويظل إصلاح قطاع الأمن مكوِّنًا أساسيًّا وحاسمًا لأيِّ اتفاق.

إن مناقشة عودة اللاجئين قبل أيِّ إصلاحٍ أو تسويةٍ من هذا القبيل هو خيارٌ غيرُ ناضج، ولا ينبغي اللجوء إليه.

التوصيات للدول المانحة وللعاملين في المجال الإنساني:

  • على الرغم من تدهور الظروف المعيشية إلا أنَّ مؤشراتِ الفساد والابتزاز تتفاقم وتزداد.

يجب تجنُّبُ تمويل أيِّ كيانٍ تابعٍ للنظام السوريّ، فحتى الخدمات الأساسيّة -مثل السجلِّ المدنيِّ- يتمُّ تقديمُ خدماتها بالابتزاز.

يجب الانتباه جيِّدًا للتأكُّد من أن البرامج الممنوحة لا تزيد من تعزيز الصورة المتنامية للفساد وعدم المساواة.

  • يتم تقديم الخدمات بشكلٍ غيرِ عادلٍ بناءً على تصنيف المنطقة داخل سوريا والخلفية والانتماءات السياسية للمجتمعات المختلفة في المناطق التي يسيطر عليها النظام.

يجب إيلاءُ المزيد من العناية والاهتمام لضمان توفُّر المساعدات والخدمات الأساسيّة -مثل الرعاية الصحية- لأولئك الموجودين في مناطق المصالحات والمناطق الأخرى الأكثر ضعفًا.

التوصيات للمفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين:

  • مراقبةُ ظروف عتبات الحماية للعائدين هي مهمةٌ جوهريّة، ويجب تعديل عتبات الحماية لتتماشى مع الواقع على الأرض ومع التهديدات الحقيقيّة التي يواجهها السوريون، ويجب القيام بذلك بشكلٍ مستعجَلٍ وإبلاغه بشكلٍ فعّالٍ إلى صانعي السياسات واللاجئين على حدٍّ سواء.
  • يجب مراقبة تنفيذ مراسيم العفو واتفاقيات المصالحة على التوازي عند التنفيذ وليس عند الإصدار، حيث يُعتقد أن عددٌ كبيرٌ من المعتقلين استفادوا من قرارات العفو أو اتفاقيات المصالحة.

ومن الجدير التأكُّد في جميع عمليات المراقبة لعتبات الحماية ما إذا كان تنفيذ هذه الاتفاقيات يؤدي إلى نتائجَ أكثرَ أمانًا للسوريين.

  • الغالبية العظمى من السوريين الذين شملهم الاستطلاع لا يشعرون بالأمان في مناطق سيطرة النظام، ولديهم شكاوى عميقة فيما يتعلق بالعديد من الظروف الأمنية والمعيشية.

الصراحة والشفافيّة في توصيف هذه الحقائق أمرٌ ضروريٌّ لضمان عدم حدوث عمليات عودة مبكرة أو مضغوطة، واكتساب المصداقية في نظر السوريين.

  • إنتاجُ تقاريرَ دقيقةٍ تعكس الحقائقَ الأساسيّةَ حول الواقع على الأرض، خاصةً حول الوضعِ الأمنيِّ في مناطق سيطرة النظام وفي سوريا بشكلٍّ عامّ، وإبلاغُها إلى دولٍ رئيسيةٍ – مثل الدنمارك – من أجل تجنُّب العودة المبكِّرة والإجباريّة.

التوصيات للدول المضيفة للّاجئين:

  • شروطُ العودة الآمنة والطوعية والكريمة غيرُ موجودةٍ عمليًّا؛ لذلك لا يشعر السوريون بالأمان، وهم ليسوا بأمان.
  • على الرغم من انخفاض العنف المرتبط بالنزاع في بعض مناطق البلاد؛ إلا أنه لا يمكن أن تحدُثَ أيُّ عودةٍ قبل التسوية؛ لذا فإن البدء بالتسوية هو الخطوة الأولى نحو هذه العودة النهائية.
  • إن تركيز الجهود على المسار السياسيِّ هو السبيلُ الوحيد لتأمين العودة، ويجب على الدول مضاعفة جهودها في هذا الاتجاه.

التوصيات للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيّ:

  • هناك مفاهيمُ خاطئةٌ حول العقوبات في سوريا يجب تصحيحها من خلال مضاعفة الجهود لإيصال الحقائق للسوريين بشكلٍ واضحٍ وفعالٍ حول العقوبات، ودحضُ رواية النظام.

يمكنكم تحميل الاحاطة من الرابط التالي:

يمكنكم قراءة وتحميل التقرير كاملاً من الرابط التالي: