نشرت الرابطة السورية لكرامة المواطن تقريراً عن حالة مخيم الركبان، هذا التقرير يشرح بالتفصيل التكتيكات التي استخدمها نظام الأسد وروسيا لإعادة سكان المخيم قسراً إلى مناطق سيطرة الأسد. وثقنا معاناة الأشخاص في المخيم الذين أُجبروا على العيش تحت حصار حقيقي، دون أي إمدادات وأي مرافق أساسية؛ وكذلك مصير من أجبروا على العودة واقتيدوا إلى مراكز الاحتجاز حيث تعرضوا للمضايقات والضرب والاختفاء في بعض الحالات.

ما زلنا نتابع الحالة، خاصة مع اشتداد حصار الأسد والقوات الروسية، مما أجبر الآلاف على اختيار معتقلات في مناطق سيطرة الأسد مقابل ظروف الركبان المزرية. يجسد محمد أبو عمار الآلاف الذين ما زالوا محاصرين في مخيم الركبان ويواجهون هذه المعضلة المستحيلة.

صرح أبو محمد للرابطة السورية لكرامة المواطن بقوله: “لا يمكنني البقاء هنا في هذا المخيم مع أطفالي وزوجتي بدون طعام ولا ماء في هذا الطقس. أنا أفكر بجدية في الذهاب إلى مناطق النظام. العديد من العائلات التي أعرفها فعلت ذلك”. عندما قمنا بتفقد المخيم هذا الأسبوع، كان أبو عمار وعائلته لا يزالون في الركبان. وكرر أنه يفكر في الذهاب بسبب الظروف المعيشية القاسية، لكنه خائف لأن العديد من أصدقائه وأقاربه الذين عادوا ما زالوا محتجزين في “ملاجئ للاجئين” ولا يُسمح لهم بالخروج. إنه قلق للغاية مما سيحدث له ولأسرته إذا تم احتجازهم في هذه “الملاجئ” مثل الآخرين الذين يعرفهم.

أثبتت الرابطة السورية لكرامة المواطن ومن خلال اتصالاتها أن هناك العديد من العائلات التي جاءت من الركبان محتجزة في “ملاجئ للاجئين” في محافظة حمص، وهم محتجزون لأنهم مطلوبون من قبل مختلف الفروع الأمنية من دمشق وحمص. سامي مثلاً (28 عاماً، من تدمر) وأطفاله الثلاثة معتقلون في أحد هذه الملاجئ منذ شهر آذار، عندما وقع جميع الأوراق التي طلبتها منه. وجد “كفيلاً” محلياً قدم ضماناً، لكن رغم الطلبات المتكررة لم يُسمح له بمغادرة الملجأ.

حتى لو تمكنوا من الخروج من “الملاجئ”، فهذا لا يضمن السماح لعائدي الركبان بالعودة إلى المناطق التي توجد فيها منازلهم. نشوان مثال آخر (45 عاماً، من دمشق) وعائلته أجبروا على البقاء في منطقة مسكنة جنوب حمص منذ شهر أيار. على الرغم من توقيعه على أوراق التسوية وتقديمها بشكل متكرر لم يُسمح له بمغادرة المنطقة التي نُقل إليها من الملجأ.

إلا أن الاعتقال التعسفي والاختفاء يمثلان أسوأ مصير يواجهه بعض من أُجبروا على العودة من الركبان. قرر حمزة (38 عاماً)، وهو ميكانيكي سيارات من القريتين، مغادرة الركبان في أيار لأنه لم يكن لديه وسيلة لإطعام عائلة مكونة من زوجته وثلاثة أطفال صغار. عندما وصل إلى أحد “الملاجئ” في حمص تم اعتقاله على الفور واقتياده من قبل قوات الأمن. حاولت زوجته عدة مرات معرفة مكان اعتقاله وسبب الاعتقال، لكنها منذ أيار لم تتمكن من معرفة أي شيء عن مصيره.

أمثلة من هذا القبيل توضح بما لا يدع مجالاً للشك أن الأشخاص الذين أجبروا على العودة من الركبان ليسوا بأمان بمجرد عبورهم إلى المناطق التي يسيطر عليها الأسد. تشهد حالات مثل حالات حمزة وآخرين الذين تم اعتقالهم ونقلهم إلى أماكن مجهولة من قبل قوات أمن الأسد، على الرغم من جميع الضمانات التي قدمها ظاهرياً النظام وروسيا، أن الحدود الدنيا لحماية العائدين والتي حددتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أنها “آمنة وطوعية”. لا يتم احترامها عندما يتعلق الأمر بأشخاص من الركبان.

العودة من الركبان ليست طوعية ولا آمنة بأي حال من الأحوال، ولكنها نتيجة النقص الحاد في الإمدادات الأساسية والظروف المعيشية القاسية، خاصة بالنسبة للعائلات التي لديها أطفال. إن قضيتي سامي ونشوان، واللتين تمثلان مئات العائلات المحتجزة منذ شهور بعد نقلها إلى “ملاجئ اللاجئين” لهي خير دليل على ذلك، حيث لا يوجد شخص في عقله السليم يختار الاحتجاز والخوف كخيار للعودة.

وبما أن نداءات نقل اللاجئين من الركبان إلى أماكن آمنة في شمال سوريا أو أي مكان آخر بدلاً من نقلهم إلى المناطق التي يسيطر عليها الأسد تقع على آذان صماء للمجتمع الدولي، فإن المعلومات حول مصير أولئك الذين تم إجبارهم بالعودة حتى الآن والتي جمعتها الرابطة السورية لكرامة المواطن وجهات أخرى، تضمن عدم تمكنهم من القول إنهم ليس لديهم فكرة عما يحدث هناك.